تدوير النفايات.. دجاجةٌ تبيضُ ذهباً
غزة-هدى بارود
بعد أن أنهى طعامه في مطعم صغير، حَمل علبة "البيبسي" الفارغة وما تبقى من طعام واتجه إلى صندوق أخضر رُسم عليه ثلاث أسهم سمراء على شكل مثلث، مُتلاحقة، ووضع الطفل ذو العينين المسحوبتين والأنف الأفطس بقايا طعامه في ذلك الصندوق الحديدي، ومن ثم غادر المطعم بهدوء..
المذيع في البرنامج التلفزيوني الذي عَرض المشهد السابق، علق على ما فعله الطفل مشيداً بتجربة اليابان الرائدة في استغلال مخلفات النفايات وإعادة تدويرها، مقارنا بينها وبين دولة عربية تتجمع أكياس القمامة فيها حول الحاوية التي تبدو فارغة إلى حد ما من الداخل..
"فهل اليابان طبقت تعاليم الإسلام الداعية إلى النظافة والمحافظة عليها، وكانت كما يقال صاحبة تلك الدجاجة التي تبيض ذهباً (والمقصود النتائج الإيجابية لإعادة التدوير) ؟، في حين أهملت الدول العربية الإسلامية ذلك !..
وهل احتاجت تلك الدولة الصناعية إلى الكثير من الجهد لتجبر مواطنيها على إتباع سياسة "التوفير" بإعادة تدوير نفاياتها، خاصة وأنها نهضت من بعد دمار شامل لحق بها إثر تعرضها لقصف بقنابل نووية في الحرب العالمية الثانية، في حين فشلنا نحن العرب في دفع أنفسنا نحو هذه التجربة الحضارية والإسلامية ؟.
"فلسطين" في تقريرها التالي، عزيزي القارئ، تقف على تجارب ناجحة في إعادة تدوير النفايات الصلبة لبعض الدول الغربية التي حققت أرباحا ومكاسبَ اجتماعية ومالية بإتباعها، وتتساءل عن طموحات الجهات الرسمية في غزة حول تحقيق ذلك النجاح الذي إن لم يوفر المال وينشط مجال الصناعة والعَمالة في القطاع، فإنه سيساعد على توعية وتربية أجيال فلسطينية كاملة على "النظافة" واحترام البيئة..
ثقافة "جمع النفايات" !!
اليابان أولى نماذجنا، استطاعت بالتربية الشاملة وبعض الأساطير ضمان مستقبل اقتصادي ناجح جعلها في مصافِ الدول الصناعية، فهي تنتشر في شوارعها آلات وصناديق خاصة لإعادة تدوير النفايات على اختلافها..
كانت بدايتها تجارب شخصية أتقنها المواطن الياباني المؤمن بالتغير إلى الأفضل، حتى أصبحت تجربة رائدة لدولة كاملة سُكانها أكثر شعوب الأرض نشاطا – وفق تجارب عملية وشهادات شخصية لمواطنين عرب وفلسطينيين عاشوا فيها-.
بدأت اليابان نَشر ثقافة "فصل النفايات" بين أبنائها، كخطوة أولى نحو مشروع إعادة التدوير، فكانت العائلة اليابانية الواحدة تمتلك في منزلها أكثر من صندوق للنفايات، كل منها مخصص للمخلفات بأشكالها، منها الزجاجية والحديدية والورقية.
تخسر الدول العربية نتيجة تجاهلها لإعادة التدوير – وفق إحدى الدراسات- نحو 5 مليارات دولار سنوياً، إذ إن الوطن العربي تبلغ مخلفاته حوالي 90 مليون طن سنوياً، وهي لو أعيد تدويرها لأنتجت 14 مليون طن من الورق، و2 مليون طن حديد، و75 ألف طن من البلاستيك، عدا عن القماش والمواد العضوية
ومُتَابعة للعمل السابق، خصصت شركات لفرز النفايات الصالح منها "للتدوير"، والتالف "للإعدام"، وكان عمال النظافة يجمعون مخلفات العائلات، بعد أن يتأكدوا من نظافة محتواها، حيث تبدأ العملية التي أثمرت بنتائج جيدة عاد عائدها على الدولة كلها..
ولا تختلف بالمناسبة الدولة الصفراء "الصين" عن اليابان بشيء، فهي رغم انفجارها بسكانها الذين بلغ تعدادهم تقريبا نصف سكان آسيا مجتمعين، استفادت من تجربة جيرانها اليابانيين واتبعت مثلهم ذات الطريقة للتخلص من نفاياتها والتوفير على نفسها عناء إتلافها.
الصين أدركت حجم الخطر البيئي الذي تُشكله النفايات الصلبة المُتراكمة أكواماً في مكبات النفايات الكبيرة، فعالجت بنفسها وبأساليب بسيطة بيئتها، وحَمتها، مُستفيدة من عدد سكانها "الضخم".
دعت الحكومة الصينية المواطنين في بادئ الأمر إلى العمل في فرز النفايات مقابل القليل من المال، الذي زادت نسبته مع تطور الصناعة في الدولة والتي اعتمدت في موادها الخام على المُعاد تصنيعه.
فَكر المواطن الصيني "الرأسمالي" بطريقة تُكسبه مالا من "بَلاش" فاستثمر مع الحكومة مُخلفات منزله وحيه ومن ثم مدينته، واستطاع بذلك الاستثمار أن يساعد دولته على التقدم في هذا المجال، فأصبحت الصين نموذجا يُضرب فيه المثل في إعادة التدوير..
~~~~~~~~~~~~~~~~
"القمامة" أسست لبحوث..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
إذا النمط الاستهلاكي للحياة المعاصرة راكم أكواما من النفايات في الدولة، أصبح التخلص منها صعباً إلى حد ما، حتى جاءت فكرة إعادة التدوير التي رحمت الحكومات من أمر قض مضاجعها، وساعدتها "الفكرة" على توفير مورد اقتصادي ومواد خام رخيصة وفي متناول الجميع، فكثير من المواد الأولية استخلصتها الدول من المُخلفات المعاد تدويرها.
واستطاعت بعض الحكومات تحليل السوق ودرجة استهلاكه مستفيدة من ما يلقيه مواطنوها من نفايات، فالمكسيك مثلا أنفقت المال على أبحاث علمية درست مُخلفات أهل الدولة لتتعرف على أكثر المواد المُستهلكة، وبالتالي تقيس حاجة السوق وإقباله على المنتجات المحلية، وتحديد أكثر الأصناف قبولا لدى المواطن المكسيكي، الأمر الذي ساعدها على تطوير صناعتها وتحسين خدماتها.. ومثلها كانت ألمانيا وهولندا وكندا..
ويمكننا القول ووفق دراسات وأبحاث طالعتها فلسطين أثناء إعدادها التقرير، إنه ثمة اتجاه عالمي آخذ بالتشكل يفضي إلى تشجيع الصناعة المُعتمدة على المواد الخام المُعاد تدويرها، كتوفير اقتصادي وحماية للبيئة.
وبالمناسبة تخسر الدول العربية نتيجة تجاهلها لإعادة التدوير – وفق إحدى الدراسات التي أجريت قبل 9 سنوات- نحو 5 مليارات دولار سنويا، إذ إن الوطن العربي تبلغ مخلفاته حوالي 90 مليون طن سنويا، وهي لو أعيد تدويرها لأنتجت 14 مليون طن من الورق، و2 مليون طن حديد، و75 ألف طن من البلاستيك، عدا عن القماش والمواد العضوية.. بينما تبلغ تكلفة التخلص من هذه المُخلفات حوالي مليارين ونصف سنويا، إضافة إلى مليارين تقريبا تُنفقهما لمكافحة الآثار البيولوجية والصحية الناجمة عن تراكم النفايات في مكباتها.
فهل تخيلت معي عزيزي القارئ حجم الخسارة التي تطال وطننا العربي فقط لإهماله إعادة التدوير؟..ومع العلم أن إعادة التدوير تحمي البيئة والمواطن العربي..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
مُخلفاتنا بعضها يُستغل..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
فهل فلسطين وقطاع غزة بالتحديد يدخل في دائرة هذا الوطن العربي، وهل ثقافة إعادة التدوير بعيدة عنه كما هو حال غيره، وهل بإمكاننا كمواطنين في غزة أن نحصل على البيض الذهبي من الدجاجة السحرية؟!.
مدير دائرة الصحة والبيئة في بلدية غزة عبد الرحيم أبو القمبز أشار إلى أن البلديات في قطاع غزة تسعى جاهدة إلى تطوير عملية التدوير في القطاع حتى تُصبح ثقافة يُتقنها المواطن الغزي والمُستثمر الفلسطيني، وقال :" نحاول أن نقنع المواطن الفلسطيني بالحفاظ على مُخلفات منزله من البلاستيك والحديد على وجه الخصوص لأن التجارة بها وبيعها رائجة ويُمكن أن تُدخل عليه دخلا لا بأس به".
وأضاف:" ينتج القطاع يوميا ما يقارب من 1300 طن من النفايات، أغلبها مواد عضوية، والكثير منها بلاستيك وورق، فإذا استنفذ المواطن القليل من وقته لفرز هذه النفايات، يُمكنه بيع البلاستيكي والحديدي منها، ويُساعد البلديات أيضا على المُضي قدما في تنفيذ خطط إعادة تدوير النفايات"..
تصل مُخلفات المواد العضوية في قطاع غزة إلى ما يقارب 70% من حجم النفايات، بينما تصل كمية البلاستيك إلى 12%، في حين يبلغ الورق 10% فقط، وكُلها مواد يمكن استغلالها في مشاريع يستفيد منها المواطن الفلسطيني أبو القمبز
وتصل مُخلفات المواد العضوية في قطاع غزة إلى ما يقارب 70% من حجم النفايات، بينما تصل كمية البلاستيك إلى 12%، في حين يبلغ الورق 10% فقط، وكُلها مواد يمكن استغلالها في مشاريع يستفيد منها المواطن الفلسطيني..
يقول أبو القمبز :" تجمع بلدية غزة ما يقارب من 2 إلى 3 طن من البلاستيك يوميا، تُفرز إلى ثلاثة أصناف وتُباع إلى مصانع مُتخصصة بطحن البلاستيك واستغلاله كمادة خام في صناعات أخرى، وتستفيد البلدية في المقابل من المال في شراء مستلزمات جديدة للنظافة"، مشيرا إلى أن حوالي 100 عامل يجمعون ما يقارب من 2 إلى 3 طن يوميا من البلاستيك.
وأشار أبو القمبز إلى أن بلديته استفادت من المواد العضوية في تصنيع "الدوبال" السماد العضوي، إضافة إلى سعيها في تنفيذ مشروع "تنخيل" النفايات القديمة، وهو مشروع قائم على "غربلة" النفايات العضوية القديمة والاستفادة من المواد التي تنتج من العملية في إعادة تأهيل التربة، قائلا :" تستفيد البلدية من 30 أو 35% من النفايات العضوية القديمة في إعادة تأهيل التربة، وتحصر الأرض التي تتجمع عليها النفايات بمساحات أقل".
وتابع:" شجعنا الكثير من العاطلين عن العمل وأصحاب رؤوس الأموال على البحث عن القطع الحديدية في النفايات الصلبة في القطاع، والاستفادة من بيعها إلى مصر في تحصيل عائد مالي مناسب"، مشيرا إلى أن بلديته عملت على مشروع إعادة استغلال مُخلفات الورق من المصانع في صناعات أخرى "ككراتين البيض" إلا أن الإقبال الضعيف على هذا المشروع أوقفه..
وعلى الهامش عزيزي القارئ، يُذكر أن تشبيه عملية إعادة التدوير بالدجاجة التي تبيض ذهبا، ترجع أصوله إلى أسطورة يابانية كان فيها شاب فقير يملك دجاجة بيضاء تبيض ذهبا، ساعد بيع بيض الدجاجة الشاب في أن يصبح من أثرى سكان المدينة اليابانية ويتزوج ابنة الملك.. ولأن إعادة التصنيع جعلت من اليابان بعد نكستها دولة غنية، أُسقط على تجربتها تلك القصة الخرافية..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
غزة-هدى بارود
بعد أن أنهى طعامه في مطعم صغير، حَمل علبة "البيبسي" الفارغة وما تبقى من طعام واتجه إلى صندوق أخضر رُسم عليه ثلاث أسهم سمراء على شكل مثلث، مُتلاحقة، ووضع الطفل ذو العينين المسحوبتين والأنف الأفطس بقايا طعامه في ذلك الصندوق الحديدي، ومن ثم غادر المطعم بهدوء..
المذيع في البرنامج التلفزيوني الذي عَرض المشهد السابق، علق على ما فعله الطفل مشيداً بتجربة اليابان الرائدة في استغلال مخلفات النفايات وإعادة تدويرها، مقارنا بينها وبين دولة عربية تتجمع أكياس القمامة فيها حول الحاوية التي تبدو فارغة إلى حد ما من الداخل..
"فهل اليابان طبقت تعاليم الإسلام الداعية إلى النظافة والمحافظة عليها، وكانت كما يقال صاحبة تلك الدجاجة التي تبيض ذهباً (والمقصود النتائج الإيجابية لإعادة التدوير) ؟، في حين أهملت الدول العربية الإسلامية ذلك !..
وهل احتاجت تلك الدولة الصناعية إلى الكثير من الجهد لتجبر مواطنيها على إتباع سياسة "التوفير" بإعادة تدوير نفاياتها، خاصة وأنها نهضت من بعد دمار شامل لحق بها إثر تعرضها لقصف بقنابل نووية في الحرب العالمية الثانية، في حين فشلنا نحن العرب في دفع أنفسنا نحو هذه التجربة الحضارية والإسلامية ؟.
"فلسطين" في تقريرها التالي، عزيزي القارئ، تقف على تجارب ناجحة في إعادة تدوير النفايات الصلبة لبعض الدول الغربية التي حققت أرباحا ومكاسبَ اجتماعية ومالية بإتباعها، وتتساءل عن طموحات الجهات الرسمية في غزة حول تحقيق ذلك النجاح الذي إن لم يوفر المال وينشط مجال الصناعة والعَمالة في القطاع، فإنه سيساعد على توعية وتربية أجيال فلسطينية كاملة على "النظافة" واحترام البيئة..
ثقافة "جمع النفايات" !!
اليابان أولى نماذجنا، استطاعت بالتربية الشاملة وبعض الأساطير ضمان مستقبل اقتصادي ناجح جعلها في مصافِ الدول الصناعية، فهي تنتشر في شوارعها آلات وصناديق خاصة لإعادة تدوير النفايات على اختلافها..
كانت بدايتها تجارب شخصية أتقنها المواطن الياباني المؤمن بالتغير إلى الأفضل، حتى أصبحت تجربة رائدة لدولة كاملة سُكانها أكثر شعوب الأرض نشاطا – وفق تجارب عملية وشهادات شخصية لمواطنين عرب وفلسطينيين عاشوا فيها-.
بدأت اليابان نَشر ثقافة "فصل النفايات" بين أبنائها، كخطوة أولى نحو مشروع إعادة التدوير، فكانت العائلة اليابانية الواحدة تمتلك في منزلها أكثر من صندوق للنفايات، كل منها مخصص للمخلفات بأشكالها، منها الزجاجية والحديدية والورقية.
تخسر الدول العربية نتيجة تجاهلها لإعادة التدوير – وفق إحدى الدراسات- نحو 5 مليارات دولار سنوياً، إذ إن الوطن العربي تبلغ مخلفاته حوالي 90 مليون طن سنوياً، وهي لو أعيد تدويرها لأنتجت 14 مليون طن من الورق، و2 مليون طن حديد، و75 ألف طن من البلاستيك، عدا عن القماش والمواد العضوية
ومُتَابعة للعمل السابق، خصصت شركات لفرز النفايات الصالح منها "للتدوير"، والتالف "للإعدام"، وكان عمال النظافة يجمعون مخلفات العائلات، بعد أن يتأكدوا من نظافة محتواها، حيث تبدأ العملية التي أثمرت بنتائج جيدة عاد عائدها على الدولة كلها..
ولا تختلف بالمناسبة الدولة الصفراء "الصين" عن اليابان بشيء، فهي رغم انفجارها بسكانها الذين بلغ تعدادهم تقريبا نصف سكان آسيا مجتمعين، استفادت من تجربة جيرانها اليابانيين واتبعت مثلهم ذات الطريقة للتخلص من نفاياتها والتوفير على نفسها عناء إتلافها.
الصين أدركت حجم الخطر البيئي الذي تُشكله النفايات الصلبة المُتراكمة أكواماً في مكبات النفايات الكبيرة، فعالجت بنفسها وبأساليب بسيطة بيئتها، وحَمتها، مُستفيدة من عدد سكانها "الضخم".
دعت الحكومة الصينية المواطنين في بادئ الأمر إلى العمل في فرز النفايات مقابل القليل من المال، الذي زادت نسبته مع تطور الصناعة في الدولة والتي اعتمدت في موادها الخام على المُعاد تصنيعه.
فَكر المواطن الصيني "الرأسمالي" بطريقة تُكسبه مالا من "بَلاش" فاستثمر مع الحكومة مُخلفات منزله وحيه ومن ثم مدينته، واستطاع بذلك الاستثمار أن يساعد دولته على التقدم في هذا المجال، فأصبحت الصين نموذجا يُضرب فيه المثل في إعادة التدوير..
~~~~~~~~~~~~~~~~
"القمامة" أسست لبحوث..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
إذا النمط الاستهلاكي للحياة المعاصرة راكم أكواما من النفايات في الدولة، أصبح التخلص منها صعباً إلى حد ما، حتى جاءت فكرة إعادة التدوير التي رحمت الحكومات من أمر قض مضاجعها، وساعدتها "الفكرة" على توفير مورد اقتصادي ومواد خام رخيصة وفي متناول الجميع، فكثير من المواد الأولية استخلصتها الدول من المُخلفات المعاد تدويرها.
واستطاعت بعض الحكومات تحليل السوق ودرجة استهلاكه مستفيدة من ما يلقيه مواطنوها من نفايات، فالمكسيك مثلا أنفقت المال على أبحاث علمية درست مُخلفات أهل الدولة لتتعرف على أكثر المواد المُستهلكة، وبالتالي تقيس حاجة السوق وإقباله على المنتجات المحلية، وتحديد أكثر الأصناف قبولا لدى المواطن المكسيكي، الأمر الذي ساعدها على تطوير صناعتها وتحسين خدماتها.. ومثلها كانت ألمانيا وهولندا وكندا..
ويمكننا القول ووفق دراسات وأبحاث طالعتها فلسطين أثناء إعدادها التقرير، إنه ثمة اتجاه عالمي آخذ بالتشكل يفضي إلى تشجيع الصناعة المُعتمدة على المواد الخام المُعاد تدويرها، كتوفير اقتصادي وحماية للبيئة.
وبالمناسبة تخسر الدول العربية نتيجة تجاهلها لإعادة التدوير – وفق إحدى الدراسات التي أجريت قبل 9 سنوات- نحو 5 مليارات دولار سنويا، إذ إن الوطن العربي تبلغ مخلفاته حوالي 90 مليون طن سنويا، وهي لو أعيد تدويرها لأنتجت 14 مليون طن من الورق، و2 مليون طن حديد، و75 ألف طن من البلاستيك، عدا عن القماش والمواد العضوية.. بينما تبلغ تكلفة التخلص من هذه المُخلفات حوالي مليارين ونصف سنويا، إضافة إلى مليارين تقريبا تُنفقهما لمكافحة الآثار البيولوجية والصحية الناجمة عن تراكم النفايات في مكباتها.
فهل تخيلت معي عزيزي القارئ حجم الخسارة التي تطال وطننا العربي فقط لإهماله إعادة التدوير؟..ومع العلم أن إعادة التدوير تحمي البيئة والمواطن العربي..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
مُخلفاتنا بعضها يُستغل..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
فهل فلسطين وقطاع غزة بالتحديد يدخل في دائرة هذا الوطن العربي، وهل ثقافة إعادة التدوير بعيدة عنه كما هو حال غيره، وهل بإمكاننا كمواطنين في غزة أن نحصل على البيض الذهبي من الدجاجة السحرية؟!.
مدير دائرة الصحة والبيئة في بلدية غزة عبد الرحيم أبو القمبز أشار إلى أن البلديات في قطاع غزة تسعى جاهدة إلى تطوير عملية التدوير في القطاع حتى تُصبح ثقافة يُتقنها المواطن الغزي والمُستثمر الفلسطيني، وقال :" نحاول أن نقنع المواطن الفلسطيني بالحفاظ على مُخلفات منزله من البلاستيك والحديد على وجه الخصوص لأن التجارة بها وبيعها رائجة ويُمكن أن تُدخل عليه دخلا لا بأس به".
وأضاف:" ينتج القطاع يوميا ما يقارب من 1300 طن من النفايات، أغلبها مواد عضوية، والكثير منها بلاستيك وورق، فإذا استنفذ المواطن القليل من وقته لفرز هذه النفايات، يُمكنه بيع البلاستيكي والحديدي منها، ويُساعد البلديات أيضا على المُضي قدما في تنفيذ خطط إعادة تدوير النفايات"..
تصل مُخلفات المواد العضوية في قطاع غزة إلى ما يقارب 70% من حجم النفايات، بينما تصل كمية البلاستيك إلى 12%، في حين يبلغ الورق 10% فقط، وكُلها مواد يمكن استغلالها في مشاريع يستفيد منها المواطن الفلسطيني أبو القمبز
وتصل مُخلفات المواد العضوية في قطاع غزة إلى ما يقارب 70% من حجم النفايات، بينما تصل كمية البلاستيك إلى 12%، في حين يبلغ الورق 10% فقط، وكُلها مواد يمكن استغلالها في مشاريع يستفيد منها المواطن الفلسطيني..
يقول أبو القمبز :" تجمع بلدية غزة ما يقارب من 2 إلى 3 طن من البلاستيك يوميا، تُفرز إلى ثلاثة أصناف وتُباع إلى مصانع مُتخصصة بطحن البلاستيك واستغلاله كمادة خام في صناعات أخرى، وتستفيد البلدية في المقابل من المال في شراء مستلزمات جديدة للنظافة"، مشيرا إلى أن حوالي 100 عامل يجمعون ما يقارب من 2 إلى 3 طن يوميا من البلاستيك.
وأشار أبو القمبز إلى أن بلديته استفادت من المواد العضوية في تصنيع "الدوبال" السماد العضوي، إضافة إلى سعيها في تنفيذ مشروع "تنخيل" النفايات القديمة، وهو مشروع قائم على "غربلة" النفايات العضوية القديمة والاستفادة من المواد التي تنتج من العملية في إعادة تأهيل التربة، قائلا :" تستفيد البلدية من 30 أو 35% من النفايات العضوية القديمة في إعادة تأهيل التربة، وتحصر الأرض التي تتجمع عليها النفايات بمساحات أقل".
وتابع:" شجعنا الكثير من العاطلين عن العمل وأصحاب رؤوس الأموال على البحث عن القطع الحديدية في النفايات الصلبة في القطاع، والاستفادة من بيعها إلى مصر في تحصيل عائد مالي مناسب"، مشيرا إلى أن بلديته عملت على مشروع إعادة استغلال مُخلفات الورق من المصانع في صناعات أخرى "ككراتين البيض" إلا أن الإقبال الضعيف على هذا المشروع أوقفه..
وعلى الهامش عزيزي القارئ، يُذكر أن تشبيه عملية إعادة التدوير بالدجاجة التي تبيض ذهبا، ترجع أصوله إلى أسطورة يابانية كان فيها شاب فقير يملك دجاجة بيضاء تبيض ذهبا، ساعد بيع بيض الدجاجة الشاب في أن يصبح من أثرى سكان المدينة اليابانية ويتزوج ابنة الملك.. ولأن إعادة التصنيع جعلت من اليابان بعد نكستها دولة غنية، أُسقط على تجربتها تلك القصة الخرافية..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
No comments:
Post a Comment