يجيب على هذه الفتوى الدكتور عبدالله سمك: اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى
أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يُشِيرَ بِسَبَّابَتِهِ أَثْنَاءَ
التَّشَهُّدِ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ قَبْضِ الْيَدِ
وَالإْشَارَةِ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: لَيْسَ لَنَا سِوَى قَوْلَيْنِ:
الأْوَّل: وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ (الحنفي) بَسْطُ الأْصَابِعِ بِدُونِ إِشَارَةٍ.
الثَّانِي: بَسْطُ الأْصَابِعِ إِلَى حِينِ الشَّهَادَةِ فَيَعْقِدُ
عِنْدَهَا وَيَرْفَعُ السَّبَّابَةَ عِنْدَ النَّفْيِ وَيَضَعَهَا عِنْدَ
الإْثْبَاتِ.
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ أَنْ يَقْبِضَ الْمُصَلِّي أَصَابِع يَدِهِ
الْيُمْنَى وَيَضَعَهَا عَلَى طَرَفِ رُكْبَتِهِ إِلاَّ الْمُسَبِّحَةَ
فَيُرْسِلَهَا، وَيَقْبِضَ الإْبْهَامَ بِجَنْبِهَا بِحَيْثُ يَكُونُ
تَحْتَهَا عَلَى حَرْفِ رَاحَتِهِ ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ
اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا-: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِذَا قَعَدَ وَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ
الْيُسْرَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى
وَعَقَدَ ثَلاَثَةً وَخَمْسِينَ وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ - وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - إِلَى
أَنَّ الْمُصَلِّيَ يُحَلِّقُ بَيْنَ الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ لِمَا
رَوَى وَائِل بْنُ حُجْرٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَضَعَ حَدَّ مِرْفَقِهِ الأْيْمَنِ عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى،
وَعَقَدَ ثَلاَثِينَ، وَحَلَّقَ وَاحِدَةً، أَشَارَ بِأُصْبُعِهِ
بِالسَّبَّابَةِ.
وَمَحَل الرَّفْعِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ عِنْدَ قَوْلِهِ: إِلاَّ
اللَّهَ، فَيَرْفَعُ الْمُسَبِّحَةَ عِنْدَ ذَلِكَ لِلاِتِّبَاعِ كَمَا فِي
صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَيُمِيلُهَا قَلِيلاً كَمَا قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ
وَغَيْرُهُ. وَيُقِيمُهَا وَلاَ يَضَعُهَا.
وَيُسَنُّ - أَيْضًا - أَنْ يَكُونَ رَفْعُهَا إِلَى الْقِبْلَةِ نَاوِيًا
بِذَلِكَ التَّوْحِيدَ وَالإْخْلاَصَ، وَفِي تَحْرِيكِهَا عِنْدَهُمْ
رِوَايَتَانِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُشِيرُ بِسَبَّابَتِهِ مِرَارًا، كُل مَرَّةٍ
عِنْدَ ذِكْرِ لَفْظِ (اللَّهِ) تَنْبِيهًا عَلَى التَّوْحِيدِ، وَلاَ
يُحَرِّكُهَا لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا :
وَلاَ يُشِيرُ بِغَيْرِ سَبَّابَةِ الْيُمْنَى وَلَوْ عُدِمَتْ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: بِكَرَاهَةِ الإْشَارَةِ بِسَبَّابَةِ الْيُسْرَى
وَلَوْ مِنْ مَقْطُوعِ الْيُمْنَى. وَعَدَّ الْمَالِكِيَّةُ الإْشَارَةَ
بِالسَّبَّابَةِ مِنَ الْمَنْدُوبَاتِ. وَيُنْدَبُ تَحْرِيكُ السَّبَّابَةِ
يَمِينًا وَشِمَالاً دَائِمًا - لاَ لأِعْلَى وَلاَ لأِسْفَل - فِي
جَمِيعِ التَّشَهُّدِ. وَأَمَّا الْيُسْرَى فَيَبْسُطُهَا مَقْرُونَةَ
الأْصَابِعِ عَلَى فَخِذِهِ.
No comments:
Post a Comment